لماذا الحرب على التكرار في البرنامج الاستعجالي؟
أخبارنا المغربية
بوسلهام عميمر
من نافلة القول الإشارة إلى أن السؤال، لا يعني أبدا الدعوة لمحاربة النجاح والركون للكسل. ومن تم إلى التكرار، بقدر ما يفرضه الواقع المعيش لتعليمنا، الذي يقر كل المتدخلين، رسميين وغيرهم، بتدني مستوياته على أكثر من صعيد. يستحيل معه تنزيل مقتضيات بيداغوجيا الإدماج، في شقها المتعلق بالتكرار، كما سنرى.
كثيرة هي القضايا التي حضيت بالأولوية، في إطار ما يعرف بالبرنامج الاستعجالي، الذي يحاول مهندسوه، مدعمين بميزانية غير مسبوقة، إنقاذ ما يمكن إنقاذه خلال بضع سنوات ابتداء من 2009 إلى غاية 2012، إثر الزلزال الذي أحدثته التقارير الدولية التي شرفت المغرب بالرتبة 11 من أصل 14 دولة عربية قبل العراق والصومال واليمن فقط ، ومتأخرا عن مصر وتونس وفلسطين بما فيها غزة. أعقبه التقرير السنوي الرسمي الذي كشف عن الوضع المأساوي لحقلنا التعليمي، خلال العشرية الجارية.
من هذه الظواهر التي استأثرت بالمعالجة، ظاهرة التكرار التي جاءت ضمن 23 مشروعا استهدفها المخطط الاستعجالي، محتلة الرتبة الخامسة ( محاربة ظاهرة التكرار والانقطاع عن الدراسة)، باعتبارها ظاهرة خطيرة، تزداد باطراد، وهي التي تغذي ظاهرة أخرى لا تقل عنها خطورة، وهي الهدر المدرسي. إذ يغادر المدرسة حسب إحصائيات 2007، ما يناهز 400000 تلميذا، أكثر من نصفهم في التعليم الابتدائي.
أمام خطورتها، وتكلفتها الباهضة، ومساهمتها في الاكتظاظ، و في رفع منسوب الهدر المدرسي بشكل ملحوظ، وغير هذا من سلبيات ومثالب، فهل الحل الأنسب هو شن حرب شعواء عليها، لمحو أثرها كليا من قاموس المدرسة المغربية، بكل الوسائل، بما فيها حرب المصطلحات، فبتنا لا نردد خلال البرنامج الاستعجالي سوى "مدرسة النجاح"، "جمعية النجاح"، "مدرسة من أجل النجاح"...؟
بناء عليه أصبح النجاح، وطبعا بعدما أفرغ من محتواه إفراغا مريعا، من البديهيات لدى التلاميذ المثابرين منهم والمتعثرين سواء بسواء.
ولم يعد مسموحا للأستاذ بالمرة أن يناقش النسبة المائوية المفروضة بهذا الخصوص. ( المذكرة الوزارية تحت رقم 204 وخاصة المستويات الفردية 1-3 –5 النجاح 100\100)
فماذا ترتب عن هذا الوضع الشاذ؟
انتقال جيوش من التلاميذ من مستوى لآخر. القلة القليلة قد لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، من يساير مقررات المستوى الموالي، بينما الأغلبية الغالبة محكوم عليها طيلة السنة، بتربيع اليد والتفرج حتى ينتهي الموسم، وتنتقل بمعدلات خفيضة جدا، أو يتكرم عليها بمعدلات تسمح لها بالمرور المريح.
من هنا لا نستغرب، لما نجد تلاميذ كثر بالمستوى السادس، يعجزون عن إنجاز أبسط عملية في الرياضيات، فضلا عن عجزهم المريع عن فك شفرة الحروف الأبجدية. وبدون مبالغة أقول صفر اليدين في جميع المواد.
فهل بالإصرار على الإنجاح المجاني، باعتماد بيداغوجيا الإدماج، التي يدعون أنها تقلص الفوارق بين المتفوقين والمتعثرين. "الكل ينجح وخاصة التلاميذ ذوو الاحتياجات الضعيفة" كما ورد في إحدى حوارات عرابها كزافيي. ومن تم محاربة ظاهرة التكرار والانقطاع الدراسي.
فهل بهذا المنطق سننقذ مدرستنا العمومية، ونؤهلها لتنعتق من "الزنزانة" رقم 13، بتعبير الراحل عابد الجابري؟
فإذا كان المنهاج التعليمي مكون من مجموعة من الأهداف والكفايات، وبالتالي لا بد من تحصيل الأساس منها على الخصوص (القراءة_الكتابة_الحساب_السلوك المدني)، فلم يتم التغاضي عنها، والتوقيع للتلاميذ على بياض لينتقلوا بالجملة تبعا لشعار النجاح، دون مراعاة الفوارق والقدرات والاستعدادات لدى كل واحد منهم، بين من تسعفه مؤهلاته لاكتساب الموارد خلال سنة واحدة، فينتقل بشكل طبيعي، وبين أكثرية تعجز عن ذلك فتحتاج لسنة أخرى؟
فلم نجني عليهم وننقلهم قسرا، و زورا، للمستوى الموالي، مستغلين أمية الآباء وجهلهم ليقعوا بدورهم في المصيدة، وأضحى التكرار في عرفهم عار و ظاهرة مشينة، جاهلين أنه في كثير من الأحيان، يكون في صالح أبنائهم، وهو الكفيل باستمرارهم في التحصيل الدراسي بشكل طبيعي، دون انتظار النسبة تتكرم على أبنائهم، بنجاح وهمي سرعان ما ينقشع زيفه، عند أبسط امتحان؟
فمَن من الجيل السابق، لم ينل حظه من التكرار، وخاصة في المحطات الرئيسية (الشهادة الابتدائية والإعدادية والباكلوريا)، وكان فاتحة خير على مسيرته التعليمية. يوم كان للنجاح نكهته الخاصة، لا يمكن التنعم بها إلا بالحصول على المعدل المفروض غير منقوص ولو بجزء من المائة، حتى لو تطلب الأمر التكرار لأعوام متتالية، قد تصل إلى خمس سنوات، لنيل الشهادة الابتدائية مثلا؟
إن التكرم على التلاميذ المتعثرين بالنجاح الوهمي باسم مدرسة النجاح، ليس في حقيقته سوى عملية تنويمية، يتدحرج خلالها هؤلاء الأبرياء، نحو المصير المحتوم. يدخلون إلى المدرسة ويخرجون وقد بلغوا سن الخامسة عشر سنة. فلا هم تعلموا حرفا ولو بالتكرار لعدة سنوات، ولا هم تعلموا حرفة في سن التعلم، إن لم تغنهم، فعلى الأقل تحفظ ماء وجوههم.
ما المانع أن يمنح لهم تكرار السنة على طبق من ذهب، بدل الحرب الشعواء عليه، والسعي لمحوه تماما. فيكون بمتابة خطوة إلى الوراء، للتقدم خطوات إلى الأمام، مستعيدين عافيتهم التحصيلية، تؤهلهم ليذهبوا بعيدا في مشوارهم التعليمي؟
أعتقد جازما أن هذه الظاهرة الخطيرة، لن تحل بهكذا حلول، لا أساس لها من الواقعية. فما لم نتناولها من جدورها، وفي شموليتها، وفي علاقتها بالمعوقات الأخرى، ما أظن أننا سنحقق شيئا لأطفالنا. وذلك بإيجاد حل لظاهرة الاكتظاظ، ولن يتم ذلك بغير زيادة عدد الحجرات، ومن تم عدد الأساتذة، حتى تنسجم مدرستنا المغربية مع ما تهدف إليه في إطار بيداغوجيا الإدماج التي تفترض فيما تفترض عدد تلاميذ محدد جدا، حتى يتم تنزيل مقتضياتها التقويمية. والسهر على تكوين المدرسين تربويا ومعرفيا وثقافيا تكوينا حقيقيا، وليس صوريا كما يحصل في غالب الأحايين. والرفع من المستوى المعيشي للأسر، بما يضمن للأطفال تغذية سليمة ومتوازنة. وتأهيل الفضاء العام ليحيوا في بيئة نظيفة لائقة. وتطبيب في المستوى. وإعلام بناء، وليس بإغراقه في مسلسلات غريبة عن هويته ووطنه، والطامة دبلجتها للدارجة المغربية وللتذكير فقط ففي الوسط القروي والأحياء الخلفية المهمشة، لا فرق بين الكبير والصغير في الإدمان حد الهوس، على هذه البضائع المائعة المخربة...
آنئذ يمكن الحديث عن مدرسة النجاح أو حتى نجاح النجاح.
أخبارنا المغربية
بوسلهام عميمر
من نافلة القول الإشارة إلى أن السؤال، لا يعني أبدا الدعوة لمحاربة النجاح والركون للكسل. ومن تم إلى التكرار، بقدر ما يفرضه الواقع المعيش لتعليمنا، الذي يقر كل المتدخلين، رسميين وغيرهم، بتدني مستوياته على أكثر من صعيد. يستحيل معه تنزيل مقتضيات بيداغوجيا الإدماج، في شقها المتعلق بالتكرار، كما سنرى.
كثيرة هي القضايا التي حضيت بالأولوية، في إطار ما يعرف بالبرنامج الاستعجالي، الذي يحاول مهندسوه، مدعمين بميزانية غير مسبوقة، إنقاذ ما يمكن إنقاذه خلال بضع سنوات ابتداء من 2009 إلى غاية 2012، إثر الزلزال الذي أحدثته التقارير الدولية التي شرفت المغرب بالرتبة 11 من أصل 14 دولة عربية قبل العراق والصومال واليمن فقط ، ومتأخرا عن مصر وتونس وفلسطين بما فيها غزة. أعقبه التقرير السنوي الرسمي الذي كشف عن الوضع المأساوي لحقلنا التعليمي، خلال العشرية الجارية.
من هذه الظواهر التي استأثرت بالمعالجة، ظاهرة التكرار التي جاءت ضمن 23 مشروعا استهدفها المخطط الاستعجالي، محتلة الرتبة الخامسة ( محاربة ظاهرة التكرار والانقطاع عن الدراسة)، باعتبارها ظاهرة خطيرة، تزداد باطراد، وهي التي تغذي ظاهرة أخرى لا تقل عنها خطورة، وهي الهدر المدرسي. إذ يغادر المدرسة حسب إحصائيات 2007، ما يناهز 400000 تلميذا، أكثر من نصفهم في التعليم الابتدائي.
أمام خطورتها، وتكلفتها الباهضة، ومساهمتها في الاكتظاظ، و في رفع منسوب الهدر المدرسي بشكل ملحوظ، وغير هذا من سلبيات ومثالب، فهل الحل الأنسب هو شن حرب شعواء عليها، لمحو أثرها كليا من قاموس المدرسة المغربية، بكل الوسائل، بما فيها حرب المصطلحات، فبتنا لا نردد خلال البرنامج الاستعجالي سوى "مدرسة النجاح"، "جمعية النجاح"، "مدرسة من أجل النجاح"...؟
بناء عليه أصبح النجاح، وطبعا بعدما أفرغ من محتواه إفراغا مريعا، من البديهيات لدى التلاميذ المثابرين منهم والمتعثرين سواء بسواء.
ولم يعد مسموحا للأستاذ بالمرة أن يناقش النسبة المائوية المفروضة بهذا الخصوص. ( المذكرة الوزارية تحت رقم 204 وخاصة المستويات الفردية 1-3 –5 النجاح 100\100)
فماذا ترتب عن هذا الوضع الشاذ؟
انتقال جيوش من التلاميذ من مستوى لآخر. القلة القليلة قد لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، من يساير مقررات المستوى الموالي، بينما الأغلبية الغالبة محكوم عليها طيلة السنة، بتربيع اليد والتفرج حتى ينتهي الموسم، وتنتقل بمعدلات خفيضة جدا، أو يتكرم عليها بمعدلات تسمح لها بالمرور المريح.
من هنا لا نستغرب، لما نجد تلاميذ كثر بالمستوى السادس، يعجزون عن إنجاز أبسط عملية في الرياضيات، فضلا عن عجزهم المريع عن فك شفرة الحروف الأبجدية. وبدون مبالغة أقول صفر اليدين في جميع المواد.
فهل بالإصرار على الإنجاح المجاني، باعتماد بيداغوجيا الإدماج، التي يدعون أنها تقلص الفوارق بين المتفوقين والمتعثرين. "الكل ينجح وخاصة التلاميذ ذوو الاحتياجات الضعيفة" كما ورد في إحدى حوارات عرابها كزافيي. ومن تم محاربة ظاهرة التكرار والانقطاع الدراسي.
فهل بهذا المنطق سننقذ مدرستنا العمومية، ونؤهلها لتنعتق من "الزنزانة" رقم 13، بتعبير الراحل عابد الجابري؟
فإذا كان المنهاج التعليمي مكون من مجموعة من الأهداف والكفايات، وبالتالي لا بد من تحصيل الأساس منها على الخصوص (القراءة_الكتابة_الحساب_السلوك المدني)، فلم يتم التغاضي عنها، والتوقيع للتلاميذ على بياض لينتقلوا بالجملة تبعا لشعار النجاح، دون مراعاة الفوارق والقدرات والاستعدادات لدى كل واحد منهم، بين من تسعفه مؤهلاته لاكتساب الموارد خلال سنة واحدة، فينتقل بشكل طبيعي، وبين أكثرية تعجز عن ذلك فتحتاج لسنة أخرى؟
فلم نجني عليهم وننقلهم قسرا، و زورا، للمستوى الموالي، مستغلين أمية الآباء وجهلهم ليقعوا بدورهم في المصيدة، وأضحى التكرار في عرفهم عار و ظاهرة مشينة، جاهلين أنه في كثير من الأحيان، يكون في صالح أبنائهم، وهو الكفيل باستمرارهم في التحصيل الدراسي بشكل طبيعي، دون انتظار النسبة تتكرم على أبنائهم، بنجاح وهمي سرعان ما ينقشع زيفه، عند أبسط امتحان؟
فمَن من الجيل السابق، لم ينل حظه من التكرار، وخاصة في المحطات الرئيسية (الشهادة الابتدائية والإعدادية والباكلوريا)، وكان فاتحة خير على مسيرته التعليمية. يوم كان للنجاح نكهته الخاصة، لا يمكن التنعم بها إلا بالحصول على المعدل المفروض غير منقوص ولو بجزء من المائة، حتى لو تطلب الأمر التكرار لأعوام متتالية، قد تصل إلى خمس سنوات، لنيل الشهادة الابتدائية مثلا؟
إن التكرم على التلاميذ المتعثرين بالنجاح الوهمي باسم مدرسة النجاح، ليس في حقيقته سوى عملية تنويمية، يتدحرج خلالها هؤلاء الأبرياء، نحو المصير المحتوم. يدخلون إلى المدرسة ويخرجون وقد بلغوا سن الخامسة عشر سنة. فلا هم تعلموا حرفا ولو بالتكرار لعدة سنوات، ولا هم تعلموا حرفة في سن التعلم، إن لم تغنهم، فعلى الأقل تحفظ ماء وجوههم.
ما المانع أن يمنح لهم تكرار السنة على طبق من ذهب، بدل الحرب الشعواء عليه، والسعي لمحوه تماما. فيكون بمتابة خطوة إلى الوراء، للتقدم خطوات إلى الأمام، مستعيدين عافيتهم التحصيلية، تؤهلهم ليذهبوا بعيدا في مشوارهم التعليمي؟
أعتقد جازما أن هذه الظاهرة الخطيرة، لن تحل بهكذا حلول، لا أساس لها من الواقعية. فما لم نتناولها من جدورها، وفي شموليتها، وفي علاقتها بالمعوقات الأخرى، ما أظن أننا سنحقق شيئا لأطفالنا. وذلك بإيجاد حل لظاهرة الاكتظاظ، ولن يتم ذلك بغير زيادة عدد الحجرات، ومن تم عدد الأساتذة، حتى تنسجم مدرستنا المغربية مع ما تهدف إليه في إطار بيداغوجيا الإدماج التي تفترض فيما تفترض عدد تلاميذ محدد جدا، حتى يتم تنزيل مقتضياتها التقويمية. والسهر على تكوين المدرسين تربويا ومعرفيا وثقافيا تكوينا حقيقيا، وليس صوريا كما يحصل في غالب الأحايين. والرفع من المستوى المعيشي للأسر، بما يضمن للأطفال تغذية سليمة ومتوازنة. وتأهيل الفضاء العام ليحيوا في بيئة نظيفة لائقة. وتطبيب في المستوى. وإعلام بناء، وليس بإغراقه في مسلسلات غريبة عن هويته ووطنه، والطامة دبلجتها للدارجة المغربية وللتذكير فقط ففي الوسط القروي والأحياء الخلفية المهمشة، لا فرق بين الكبير والصغير في الإدمان حد الهوس، على هذه البضائع المائعة المخربة...
آنئذ يمكن الحديث عن مدرسة النجاح أو حتى نجاح النجاح.
الثلاثاء يوليو 16, 2013 7:04 pm من طرف Admin
» الامتحان الموحد للسنة السادسة ابتدائي دورة يونيو2009"التربية الاسلامية"
الخميس يونيو 21, 2012 7:12 am من طرف oussama salmane
» الامتحان الموحد مادة الرياضيات دورة يونيو 2010
الخميس يونيو 21, 2012 7:09 am من طرف oussama salmane
» الامتحان الموحد للسنة السادسة ابتدائي دورة يونيو2011 "اللغة العربية"
الخميس يونيو 21, 2012 6:59 am من طرف oussama salmane
» examan normalisé 25 juin 2011
الخميس يونيو 21, 2012 6:49 am من طرف oussama salmane
» نحو إحداث درجات جديدة في المسارات المهنية المحدودة الأفق
الخميس يونيو 07, 2012 8:39 am من طرف Admin
» الجديدة «تستقبل» الوفا بوقفة احتجاجية
الإثنين أبريل 02, 2012 5:58 pm من طرف Admin
» قرار الاقتطاع من أجور المضربين يغضب النقابات
الإثنين أبريل 02, 2012 5:58 pm من طرف Admin
» نائب الوزارة بكلميم يلتقط إشارات الوافا: المدير يُقَوِمُ المفتش
الإثنين أبريل 02, 2012 5:57 pm من طرف Admin