المجلس الأعلى للتعليم
المصطفى مرادا
المساء : 25 - 10 - 2011
استمرارية الحفاظ على الطابع الدستوري لمؤسسة المجلس الأعلى للتعليم في الدستور الجديد هي خطوة ذات أهمية كبيرة، في اتجاه ترسيخ التّبنّي المؤسساتي للمقاربة الجديدة، التي تدمج المدرسة المغربية في نسيج التنمية الشاملة والمندمجة، وهي خطوة تضع المجلس، أيضا،في قلب رهانات مغرب ما بعد خطاب 9 مارس، بسبب ما تأكد اليوم، من كون التحديث المجتمعي الشامل يتطلب، أساسا، مدرسة حديثة، تعي عوائقها الذاتية، سواء على مستوى التدبير والتسيير أو على مستوى التعلم وإستراتيجيات الاندماج مع المحيط والفعل فيه. فعلى هذا المستوى، تم تجديد الأرضية الأدبية والتنظيمية للمجلس في 2006، لتكون قادرة على استيعاب متطلبات هذه المرحلة، مع أن حاجة المجلس، الدائمةَ، إلى تطوير آليات تتبع وتقويم إيقاعات منظومة التربية والتكوين في بلادنا، تبقى قائمةَ، دوما.
تتجلى أهمية المجلس في المرحلة الحالية في كونه سيبقى المعولَ عليه الوحيدَ لمراقبة وتقييم واقع منظومتنا التربوية، وأقول الوحيد، بعد أن تَبيَّن اليوم أن التعليم لم يسلم من «لوثة» المزايدات السياسوية، بين مكونات مشهدنا الحزبي، الغرائبيّ، بمعنى أن المجلس سيعول عليه كثيرا في ضمان تقديم صورة موضوعية وشفافة عن واقع منظومتنا التربوية والتكوينية وكذا تقديم الاستشارات العلمية والنزيهة الكفيلة بإيجاد حلول حقيقية لمشاكل هذه المنظومة. فإذا كانت طبيعة المؤسسات الحزبية تدفع السياسي إلى إخفاء الحقائق وإلى تزييف الوقائع، فإن عيْن الخبير ونزاهته تضمنان عدم المجازفة بقضايا التربية والتكوين في خِضمّ الحسابات السياسية. من هنا، تنبع الحاجة إلى ترسيخ دور هذه المؤسسة الدستورية الكبرى.
لسنا هنا في موقع المفاضلة بين السياسي والتقنوقراطي في قطاع التعليم، رغم إغراءات هذا النقاش، ولكنْ للتأكيد على أنه إذا كان الفاعل التربوي ذو الخلفيات السياسية مفيدا لحياتنا السياسية عموما، فإنه ليس بالفائدة ذاتها في ما يخص قطاعات معيّنة في منظومة التربية والتكوين، إذ غالبا ما يُدخل المنظومة، عن قصد أو بطريقة عفوية، في حسابات سياسية، كما وقع مؤخرا عندما ألقى حزب رئيس الحكومة الحالي «قنبلة» من العيار الثقيل على وزير التربية الوطنية الحالي، وات»همه بالكذب على الملك في تقرير حول حصيلة البرنامج الاستعجالي، ففعل إدخال عاهل البلاد، بالقياس إلى مكانته الاعتبارية في هرم الدولة، في تصفية حساب سياسي محض، يدلّ على أن السياسي المغربي يمكنه أن يفعل أي شيء من أجل حفنة أصوات انتخابية.. ولن يُشكّل التعليم هنا استثناء، وهذا الاستدلال يفيدنا في فهم الحاجة إلى وجود مؤسسة محايدة، كالمجلس الأعلى للتعليم، لا تتأثر رؤيتها بزوابع السياسة وبحسابات الظرفية السياسية.
فوجئت نسبة كبيرة من عموم رجال التربية والتكوين بوجود مؤسسة اسمها المجلس الأعلى للتعليم، عقب ظهور تقريره الأول سنة 2008، فنسبة كبيرة منهم لم يسمعوا به، رغم أنه مؤسسة دستورية منذ سنة 1973، لكونه ظل مؤسسة دستورية صورية، كغيره من المؤسسات إبان العهد السابق، ثم بسبب الاختزالية التي حكمت نظرة «المخزن» القديم إلى التعليم عموما، حيث اعتبره مكونا للمزعجين الطامحين إلى السلطة، ولا أحد يشك أن هذه النظرة الأمنية الأحادية وكذا تعطيل دور المجلس الأعلى للتعليم إبان هذه المرحلة السابقة فوّتَ على المغرب الكثير لتأهيل منظومته التربوية، حيث ظلت مدرستنا، لعقود، مشتلا لاستنبات الموظفين العموميين، لا غير، والكثير، الكثير من المُعطّلين، الذين «يتفنّنون» في كيل الشتائم للدولة ولكنهم، في نفس الوقت، يطالبونها بالعمل لديها كموظفين، في رتابتها!...
وبالتالي فإن إعادة هيكلة المجلس الأعلى للتعليم في سنة 2006 هي خطوة كانت منتظَرة لجعل المجلس يواكب الفلسفة التعليمية الجديدة التي بدأت مع الميثاق الوطني للتربية والتكوين وترسّخت، في ما بعد، مع البرنامج الاستعجالي.. ترسخت على مستوى الرؤية على الأقل. وبالفعل سيكون التقرير الأول «عن حالة المنظومة الوطنية للتربية والتكوين وآفاقها» باكورة هذه الخطوة، بالنظر إلى الخطاب الجديد الذي ظهر في هذا التقرير، والذي خرج به أصحابه عن «لغة الخشب» وسمّوا الأشياء بمسمياتها، لذلك فالحاجة إلى تقرير ثان أصبحت مُلحّة، لاعتبار المزايدات السياسية على واقع التعليم في المغرب، كما سبق ذكره، ولاعتبار كون هذه السنة في السنة الختامية من البرنامج الاستعجالي، والذي يعد أكثر البرامج الإصلاحية للتعليم المغربي إثارة للجدل.
لقد تأثر المجلس كثيرا بوفاة المهندس مزيان بلفقه رحمه الله، والذي كانت له أياد بيضاء على المجلس، خصوصا، ومنظومة التربية والتكوين، عموما، حيث فتح المجلس على خيرة كفاءات هذا البلد واحتضن أبحاثهم واجتهاداتهم، وهو الأمر الذي أنتج أبحاثا علمية وأعمالا تنظيرية تفتخر بها خزانة المنظومة، وما يزال منصبه فارغا إلى الآن، وينتظر أن يتم ملأ هذا المنصب بعد الانتخابات المقبلة، على أمل أن يكمل الرئيس المقبل مشوار جعل المجلس في قلب المنظومة، مشوار الإنصات إلى الجميع ووضع مسافة مع «حساسيات» الجميع، أيضا.
المصطفى مرادا
المساء : 25 - 10 - 2011
استمرارية الحفاظ على الطابع الدستوري لمؤسسة المجلس الأعلى للتعليم في الدستور الجديد هي خطوة ذات أهمية كبيرة، في اتجاه ترسيخ التّبنّي المؤسساتي للمقاربة الجديدة، التي تدمج المدرسة المغربية في نسيج التنمية الشاملة والمندمجة، وهي خطوة تضع المجلس، أيضا،في قلب رهانات مغرب ما بعد خطاب 9 مارس، بسبب ما تأكد اليوم، من كون التحديث المجتمعي الشامل يتطلب، أساسا، مدرسة حديثة، تعي عوائقها الذاتية، سواء على مستوى التدبير والتسيير أو على مستوى التعلم وإستراتيجيات الاندماج مع المحيط والفعل فيه. فعلى هذا المستوى، تم تجديد الأرضية الأدبية والتنظيمية للمجلس في 2006، لتكون قادرة على استيعاب متطلبات هذه المرحلة، مع أن حاجة المجلس، الدائمةَ، إلى تطوير آليات تتبع وتقويم إيقاعات منظومة التربية والتكوين في بلادنا، تبقى قائمةَ، دوما.
تتجلى أهمية المجلس في المرحلة الحالية في كونه سيبقى المعولَ عليه الوحيدَ لمراقبة وتقييم واقع منظومتنا التربوية، وأقول الوحيد، بعد أن تَبيَّن اليوم أن التعليم لم يسلم من «لوثة» المزايدات السياسوية، بين مكونات مشهدنا الحزبي، الغرائبيّ، بمعنى أن المجلس سيعول عليه كثيرا في ضمان تقديم صورة موضوعية وشفافة عن واقع منظومتنا التربوية والتكوينية وكذا تقديم الاستشارات العلمية والنزيهة الكفيلة بإيجاد حلول حقيقية لمشاكل هذه المنظومة. فإذا كانت طبيعة المؤسسات الحزبية تدفع السياسي إلى إخفاء الحقائق وإلى تزييف الوقائع، فإن عيْن الخبير ونزاهته تضمنان عدم المجازفة بقضايا التربية والتكوين في خِضمّ الحسابات السياسية. من هنا، تنبع الحاجة إلى ترسيخ دور هذه المؤسسة الدستورية الكبرى.
لسنا هنا في موقع المفاضلة بين السياسي والتقنوقراطي في قطاع التعليم، رغم إغراءات هذا النقاش، ولكنْ للتأكيد على أنه إذا كان الفاعل التربوي ذو الخلفيات السياسية مفيدا لحياتنا السياسية عموما، فإنه ليس بالفائدة ذاتها في ما يخص قطاعات معيّنة في منظومة التربية والتكوين، إذ غالبا ما يُدخل المنظومة، عن قصد أو بطريقة عفوية، في حسابات سياسية، كما وقع مؤخرا عندما ألقى حزب رئيس الحكومة الحالي «قنبلة» من العيار الثقيل على وزير التربية الوطنية الحالي، وات»همه بالكذب على الملك في تقرير حول حصيلة البرنامج الاستعجالي، ففعل إدخال عاهل البلاد، بالقياس إلى مكانته الاعتبارية في هرم الدولة، في تصفية حساب سياسي محض، يدلّ على أن السياسي المغربي يمكنه أن يفعل أي شيء من أجل حفنة أصوات انتخابية.. ولن يُشكّل التعليم هنا استثناء، وهذا الاستدلال يفيدنا في فهم الحاجة إلى وجود مؤسسة محايدة، كالمجلس الأعلى للتعليم، لا تتأثر رؤيتها بزوابع السياسة وبحسابات الظرفية السياسية.
فوجئت نسبة كبيرة من عموم رجال التربية والتكوين بوجود مؤسسة اسمها المجلس الأعلى للتعليم، عقب ظهور تقريره الأول سنة 2008، فنسبة كبيرة منهم لم يسمعوا به، رغم أنه مؤسسة دستورية منذ سنة 1973، لكونه ظل مؤسسة دستورية صورية، كغيره من المؤسسات إبان العهد السابق، ثم بسبب الاختزالية التي حكمت نظرة «المخزن» القديم إلى التعليم عموما، حيث اعتبره مكونا للمزعجين الطامحين إلى السلطة، ولا أحد يشك أن هذه النظرة الأمنية الأحادية وكذا تعطيل دور المجلس الأعلى للتعليم إبان هذه المرحلة السابقة فوّتَ على المغرب الكثير لتأهيل منظومته التربوية، حيث ظلت مدرستنا، لعقود، مشتلا لاستنبات الموظفين العموميين، لا غير، والكثير، الكثير من المُعطّلين، الذين «يتفنّنون» في كيل الشتائم للدولة ولكنهم، في نفس الوقت، يطالبونها بالعمل لديها كموظفين، في رتابتها!...
وبالتالي فإن إعادة هيكلة المجلس الأعلى للتعليم في سنة 2006 هي خطوة كانت منتظَرة لجعل المجلس يواكب الفلسفة التعليمية الجديدة التي بدأت مع الميثاق الوطني للتربية والتكوين وترسّخت، في ما بعد، مع البرنامج الاستعجالي.. ترسخت على مستوى الرؤية على الأقل. وبالفعل سيكون التقرير الأول «عن حالة المنظومة الوطنية للتربية والتكوين وآفاقها» باكورة هذه الخطوة، بالنظر إلى الخطاب الجديد الذي ظهر في هذا التقرير، والذي خرج به أصحابه عن «لغة الخشب» وسمّوا الأشياء بمسمياتها، لذلك فالحاجة إلى تقرير ثان أصبحت مُلحّة، لاعتبار المزايدات السياسية على واقع التعليم في المغرب، كما سبق ذكره، ولاعتبار كون هذه السنة في السنة الختامية من البرنامج الاستعجالي، والذي يعد أكثر البرامج الإصلاحية للتعليم المغربي إثارة للجدل.
لقد تأثر المجلس كثيرا بوفاة المهندس مزيان بلفقه رحمه الله، والذي كانت له أياد بيضاء على المجلس، خصوصا، ومنظومة التربية والتكوين، عموما، حيث فتح المجلس على خيرة كفاءات هذا البلد واحتضن أبحاثهم واجتهاداتهم، وهو الأمر الذي أنتج أبحاثا علمية وأعمالا تنظيرية تفتخر بها خزانة المنظومة، وما يزال منصبه فارغا إلى الآن، وينتظر أن يتم ملأ هذا المنصب بعد الانتخابات المقبلة، على أمل أن يكمل الرئيس المقبل مشوار جعل المجلس في قلب المنظومة، مشوار الإنصات إلى الجميع ووضع مسافة مع «حساسيات» الجميع، أيضا.
الثلاثاء يوليو 16, 2013 7:04 pm من طرف Admin
» الامتحان الموحد للسنة السادسة ابتدائي دورة يونيو2009"التربية الاسلامية"
الخميس يونيو 21, 2012 7:12 am من طرف oussama salmane
» الامتحان الموحد مادة الرياضيات دورة يونيو 2010
الخميس يونيو 21, 2012 7:09 am من طرف oussama salmane
» الامتحان الموحد للسنة السادسة ابتدائي دورة يونيو2011 "اللغة العربية"
الخميس يونيو 21, 2012 6:59 am من طرف oussama salmane
» examan normalisé 25 juin 2011
الخميس يونيو 21, 2012 6:49 am من طرف oussama salmane
» نحو إحداث درجات جديدة في المسارات المهنية المحدودة الأفق
الخميس يونيو 07, 2012 8:39 am من طرف Admin
» الجديدة «تستقبل» الوفا بوقفة احتجاجية
الإثنين أبريل 02, 2012 5:58 pm من طرف Admin
» قرار الاقتطاع من أجور المضربين يغضب النقابات
الإثنين أبريل 02, 2012 5:58 pm من طرف Admin
» نائب الوزارة بكلميم يلتقط إشارات الوافا: المدير يُقَوِمُ المفتش
الإثنين أبريل 02, 2012 5:57 pm من طرف Admin