المدارس غير الآمنة
المصطفى مرادا
التربية نت : 02 - 02 - 2011
رغم الشراكة التي تجمع وزارة التربية الوطنية ووزارة الداخلية، منذ البدء، في تنفيذ ما بات يعرف بالمخطط الاستعجالي، فإن الهاجس الأمني يبقى مطروحا بحدة، عند أطر المؤسسات والتلاميذ وأسرهم، سواء داخل أسوار المؤسسات التعليمية أو بجوارها، إما لكون بعض الأجهزة الأمنية لا تأخذ التهديدات التي يشكلها المحيط على السير العادي للدراسة بجدية أو لكون الجهات الوصية على قطاع التربية في الإقليم أو الجهة تدس رأسها في الرمال، تاركة المدير أو المدرس أو أسرة التلميذ أو التلميذ نفسه يواجهون تداعيات مشكلة حصلت لهم في المدرسة مع مختلف شرائح «الحثالة» الاجتماعية، الذين يجدون في المؤسسات التعليمية مرتعا لكل جنوحهم، إما عبر ردهات المحاكم أو عبر المواجهة المباشرة...
هكذا، قد يدخل شخص غريب إلى مؤسسة تعليمية ليتحرش بتلميذة أو يهدد أستاذ أو تلميذا، أو ليسرق إحدى تجهيزات المؤسسة، وعندما يتدخل إداري أو أستاذ لتوقيفه، يتحول، في محاضر رجال الشرطة، إلى طرف مباشر في القضية، ويتحول في أوساط ذوي المعتدي أو حيه إلى عدو مطارَد في الشارع وفي كل مكان، ولا يسلم حتى أبناؤه من التهديد والتحرش.. والنتيجة هي أن غيرته على مؤسسته ورغبته في حمايتها تنقلب إلى مشكلة شخصية، وقد تتطور الأمور إلى ما لا تحمد عقباه. وبدل أن تصبح الدولة، بأكملها، طرفا أو على الأقل الوزارة في مواجهة هذا الشخص الغريب، وبدل أن توكل الوزارة التي تتبع لها المؤسسة محاميا للدفاع عن المدرس أو الإداري الذي ما تدخّل لتوقيف الشخص الغريب إلا غيرة على المؤسسة، فإنه يجد نفسه، أحيانا، أمام «بهدلة» المحاكم وجشع المحامين وتهديد الضحية وذويه، في حين أن الشخص عينَه لو دخل إلى باشوية أو مخفرَ شرطة أو محكمة وقام بالسلوك نفسه لكانت قصة أخرى، غير ما يقع يوميا في مؤسساتنا التعليمية...
تحدث يوميا في المؤسسات التعليمية عشرات القصص التي يتحول فيها الإداري أو المدرس إلى طرف مباشر في صراع المدرسة مع محيطها، فيما يكتفي المسؤولون، ذوو المكاتب المكيفة، ببرمجة ندوات غالية التكلفة وقليلة الفائدة، يدعون فيها إلى ضرورة الانفتاح على المحيط، تماشيا مع الموضة المفاهيمية الجديدة، وهم لا يدركون أن علاقة المدرسة المغربية بمحيطها تمر من أسوأ مراحلها على الإطلاق، فبعد أن كانت المدرسة منارة للعلم في محيط كان يعتبر التعلم قنطرة للارتقاء الاجتماعي والاقتصادي ومشتلا لإنضاج الأطروحات السياسية والثقافية، وكان ينظر إليها كمحراب للتنسك والعبادة، تقديرا لها واحتراما، أصبح هذا المحيط ينظر إلى المدرسة على أنها المؤسسة العمومية التي يسهل انتهاك حرمتها وحرمة تلميذاتها بالتحرش الجنسي، وتلاميذها بتجارة المخدرات، وكرامة أطرها بالتعنيف والكلام الجارح...
ونسأل من يشكك في الأمر: متى كان المدرس يتعرض للضرب في فصله من طرف تلامذته أو أقربائهم؟ متى كان الإطار التربوي مضطرا لمرافقة أبنائه أينما حلوا وارتحلوا، خوفا عليهم من تهديدات وتحرشات محيط المؤسسة؟ متى كانت الأستاذات، قبل التلميذات، يتعرضن للتحرش داخل المؤسسة وفي محيطها؟ متى كان المدرس مضطرا لحمل سلاح أبيض معه في محفظته للدفاع عن نفسه من تلامذته أو من ذويهم؟ ومتى كان المدير مضطرا لتربية الكلاب لحراسة المدرسة ليلا؟...
ولنا أن نتصور حالة المدارس والإعداديات في القرى والمداشر، حيث تتحول هذه الفصول في أيام العطل إلى مكان للعربدة والمجون، مما يظهر بالملموس أن الحديث «الرومانسي» عن انفتاح المؤسسة على محيطها مجانب، في الكثير من جوانبه، للصواب. إن المدرسة، اليوم، تخضع لمتغيرات ليست فقط بنيوية بل أيضا متغيرات مصدرها محيطها، فالحديث عن الانفتاح على المحيط السوسيو ثقافي ليس دوما قيمة مرغوبا فيها بالنسبة إلى المدرسة المغربية، وخاصة عندما نكون إزاء محيط فقير في مغرب عميق، يُنظَر فيه إلى المدرسة على أنها متنفس لكل المكبوتات، وكل من يشتغل في المؤسسات التعليمية، خاصة الإعدادية والثانوية في الأحياء الهامشية للمدن يملك الخبر اليقين حول ما وصل إليه الوضع.
ما يهمنا في هذا السياق هو أن الطريقة التي تتعامل بها الجهات الوصية على القطاع تفتقر لإستراتيجية واضحة في مواجهة الانفلات الأمني الذي يخلقه المحيط للمؤسسات التعليمية، مكتفية بدس رأسها في الرمال وبالحديث «الرومانسي» عن ضرورة الانفتاح على «المحيط»، وكأن المحيط هو محيط ملائكة، مع أن المحيط محيطات بالجمع، فليست كل المحيطات هي «حي الرياض» في الرباط أو «حي كاليفورنيا» في البيضاء، إذ إن هناك عددا لا حصر له من أنواع المحيط، في مغرب عميق نسيته الدولة فأنساها الشيطان ذكر مدارسه، مدارس تجتر إشكالات أمنية واجتماعية وثقافية مزمنة عجزت عنها الحكومة بكل ما أوتيت من وسائل، ليتم التعويل على مدرس أو مدير لكي يجد حلا لمشاكل تتجاوز كل قدراته، عندما يجد نفسه وهو يدافع عن حرمة مدرسته أو تلامذته أو أطره، مهدَّدا في سلامته أو سلامة عائلته
المصطفى مرادا
التربية نت : 02 - 02 - 2011
رغم الشراكة التي تجمع وزارة التربية الوطنية ووزارة الداخلية، منذ البدء، في تنفيذ ما بات يعرف بالمخطط الاستعجالي، فإن الهاجس الأمني يبقى مطروحا بحدة، عند أطر المؤسسات والتلاميذ وأسرهم، سواء داخل أسوار المؤسسات التعليمية أو بجوارها، إما لكون بعض الأجهزة الأمنية لا تأخذ التهديدات التي يشكلها المحيط على السير العادي للدراسة بجدية أو لكون الجهات الوصية على قطاع التربية في الإقليم أو الجهة تدس رأسها في الرمال، تاركة المدير أو المدرس أو أسرة التلميذ أو التلميذ نفسه يواجهون تداعيات مشكلة حصلت لهم في المدرسة مع مختلف شرائح «الحثالة» الاجتماعية، الذين يجدون في المؤسسات التعليمية مرتعا لكل جنوحهم، إما عبر ردهات المحاكم أو عبر المواجهة المباشرة...
هكذا، قد يدخل شخص غريب إلى مؤسسة تعليمية ليتحرش بتلميذة أو يهدد أستاذ أو تلميذا، أو ليسرق إحدى تجهيزات المؤسسة، وعندما يتدخل إداري أو أستاذ لتوقيفه، يتحول، في محاضر رجال الشرطة، إلى طرف مباشر في القضية، ويتحول في أوساط ذوي المعتدي أو حيه إلى عدو مطارَد في الشارع وفي كل مكان، ولا يسلم حتى أبناؤه من التهديد والتحرش.. والنتيجة هي أن غيرته على مؤسسته ورغبته في حمايتها تنقلب إلى مشكلة شخصية، وقد تتطور الأمور إلى ما لا تحمد عقباه. وبدل أن تصبح الدولة، بأكملها، طرفا أو على الأقل الوزارة في مواجهة هذا الشخص الغريب، وبدل أن توكل الوزارة التي تتبع لها المؤسسة محاميا للدفاع عن المدرس أو الإداري الذي ما تدخّل لتوقيف الشخص الغريب إلا غيرة على المؤسسة، فإنه يجد نفسه، أحيانا، أمام «بهدلة» المحاكم وجشع المحامين وتهديد الضحية وذويه، في حين أن الشخص عينَه لو دخل إلى باشوية أو مخفرَ شرطة أو محكمة وقام بالسلوك نفسه لكانت قصة أخرى، غير ما يقع يوميا في مؤسساتنا التعليمية...
تحدث يوميا في المؤسسات التعليمية عشرات القصص التي يتحول فيها الإداري أو المدرس إلى طرف مباشر في صراع المدرسة مع محيطها، فيما يكتفي المسؤولون، ذوو المكاتب المكيفة، ببرمجة ندوات غالية التكلفة وقليلة الفائدة، يدعون فيها إلى ضرورة الانفتاح على المحيط، تماشيا مع الموضة المفاهيمية الجديدة، وهم لا يدركون أن علاقة المدرسة المغربية بمحيطها تمر من أسوأ مراحلها على الإطلاق، فبعد أن كانت المدرسة منارة للعلم في محيط كان يعتبر التعلم قنطرة للارتقاء الاجتماعي والاقتصادي ومشتلا لإنضاج الأطروحات السياسية والثقافية، وكان ينظر إليها كمحراب للتنسك والعبادة، تقديرا لها واحتراما، أصبح هذا المحيط ينظر إلى المدرسة على أنها المؤسسة العمومية التي يسهل انتهاك حرمتها وحرمة تلميذاتها بالتحرش الجنسي، وتلاميذها بتجارة المخدرات، وكرامة أطرها بالتعنيف والكلام الجارح...
ونسأل من يشكك في الأمر: متى كان المدرس يتعرض للضرب في فصله من طرف تلامذته أو أقربائهم؟ متى كان الإطار التربوي مضطرا لمرافقة أبنائه أينما حلوا وارتحلوا، خوفا عليهم من تهديدات وتحرشات محيط المؤسسة؟ متى كانت الأستاذات، قبل التلميذات، يتعرضن للتحرش داخل المؤسسة وفي محيطها؟ متى كان المدرس مضطرا لحمل سلاح أبيض معه في محفظته للدفاع عن نفسه من تلامذته أو من ذويهم؟ ومتى كان المدير مضطرا لتربية الكلاب لحراسة المدرسة ليلا؟...
ولنا أن نتصور حالة المدارس والإعداديات في القرى والمداشر، حيث تتحول هذه الفصول في أيام العطل إلى مكان للعربدة والمجون، مما يظهر بالملموس أن الحديث «الرومانسي» عن انفتاح المؤسسة على محيطها مجانب، في الكثير من جوانبه، للصواب. إن المدرسة، اليوم، تخضع لمتغيرات ليست فقط بنيوية بل أيضا متغيرات مصدرها محيطها، فالحديث عن الانفتاح على المحيط السوسيو ثقافي ليس دوما قيمة مرغوبا فيها بالنسبة إلى المدرسة المغربية، وخاصة عندما نكون إزاء محيط فقير في مغرب عميق، يُنظَر فيه إلى المدرسة على أنها متنفس لكل المكبوتات، وكل من يشتغل في المؤسسات التعليمية، خاصة الإعدادية والثانوية في الأحياء الهامشية للمدن يملك الخبر اليقين حول ما وصل إليه الوضع.
ما يهمنا في هذا السياق هو أن الطريقة التي تتعامل بها الجهات الوصية على القطاع تفتقر لإستراتيجية واضحة في مواجهة الانفلات الأمني الذي يخلقه المحيط للمؤسسات التعليمية، مكتفية بدس رأسها في الرمال وبالحديث «الرومانسي» عن ضرورة الانفتاح على «المحيط»، وكأن المحيط هو محيط ملائكة، مع أن المحيط محيطات بالجمع، فليست كل المحيطات هي «حي الرياض» في الرباط أو «حي كاليفورنيا» في البيضاء، إذ إن هناك عددا لا حصر له من أنواع المحيط، في مغرب عميق نسيته الدولة فأنساها الشيطان ذكر مدارسه، مدارس تجتر إشكالات أمنية واجتماعية وثقافية مزمنة عجزت عنها الحكومة بكل ما أوتيت من وسائل، ليتم التعويل على مدرس أو مدير لكي يجد حلا لمشاكل تتجاوز كل قدراته، عندما يجد نفسه وهو يدافع عن حرمة مدرسته أو تلامذته أو أطره، مهدَّدا في سلامته أو سلامة عائلته
الثلاثاء يوليو 16, 2013 7:04 pm من طرف Admin
» الامتحان الموحد للسنة السادسة ابتدائي دورة يونيو2009"التربية الاسلامية"
الخميس يونيو 21, 2012 7:12 am من طرف oussama salmane
» الامتحان الموحد مادة الرياضيات دورة يونيو 2010
الخميس يونيو 21, 2012 7:09 am من طرف oussama salmane
» الامتحان الموحد للسنة السادسة ابتدائي دورة يونيو2011 "اللغة العربية"
الخميس يونيو 21, 2012 6:59 am من طرف oussama salmane
» examan normalisé 25 juin 2011
الخميس يونيو 21, 2012 6:49 am من طرف oussama salmane
» نحو إحداث درجات جديدة في المسارات المهنية المحدودة الأفق
الخميس يونيو 07, 2012 8:39 am من طرف Admin
» الجديدة «تستقبل» الوفا بوقفة احتجاجية
الإثنين أبريل 02, 2012 5:58 pm من طرف Admin
» قرار الاقتطاع من أجور المضربين يغضب النقابات
الإثنين أبريل 02, 2012 5:58 pm من طرف Admin
» نائب الوزارة بكلميم يلتقط إشارات الوافا: المدير يُقَوِمُ المفتش
الإثنين أبريل 02, 2012 5:57 pm من طرف Admin